الاثنين، 23 يوليو 2018

تاريخ داعش : دولة العراق الإسلامية.


       لقد ظهر في عام 1988م تيار فكري إسلامي جديد، عرف بتيار الجهاد أو قاعدة الجهاد، وقد كان ظهور هذا التيار على يد أسامة بن لادن، ومجموعة من الشباب الإسلاميين من بعض الأقطار العربية والإسلامية، وكان هدفه المعلن إقامة خلافة إسلامية تشمل بلدان العالم الإسلامي، وقد نهض حينذاك أسامة بن لادن ومن معه للردِّ على ما اعتبروه امتهان الأمريكان لكرامة الأمة الإسلامية، منطلقين من مبدأ مجاهدة الكفار الذين يعتدون على ديار المسلمين واستقلالها، فكان هذا العمل ظهوراً لأول مجموعة جهادية أنشأها أسامة بن لادن ودرَّبها في أفغانستان، ثمَّ بدأت هذه المجموعة تعمل علناً في العديد من بلدان العالم الإسلامي باسم تنظيم "قاعدة الجهاد"، أو باسم تنظيم القاعدة" اختصاراً.

جماعة التوحيد والجهاد:

       ظهر تنظيم القاعدة في العراق باسم "جماعة التوحيد والجهاد" التي أسسها أحمد فضيل نزال الخلايلة" الشهير بـأبي مصعب الزرقاوي، كردِّ فعلٍ على الغزو الأمريكي للعراق، إذ قامت أمريكا بإنشاء قواعد عسكرية لها في بعض دول العالم الإسلامي، وقد أعلنت جماعة التوحيد والجهاد وقوفها بشكل علني ضد الوجود الأمريكي في المنطقة العربية والإٍسلامية بعد الاحتلال الأمريكي للعراق مطلع نيسان 2003م، والذي تمَّ بمساعدة إيرانية كبيرة، وبالتواطؤ مع العناصر الشيعية الموالية لها في بعض البلدان العربية كالعراق ولبنان.([1]) حيث أعلن محمد على أبطحي نائب الرئيس الإيراني للشؤون القانونية والبرلمانية -حينئذ- أن بلاده قدمت الكثير من العون للأمريكيين في حربهم ضد أفغانستان والعراق، وأكَّد أنَّه لولا التعاون الإيراني لما سقطت كابول وبغداد بهذه السهولة.([2])
     ثمَّ قام أبو مصعب الزرقاوي بتغيير اسم التنظيم من "جماعة التوحيد والجهاد": إلى "تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين"، وقد برز كتنظيم جهادي يقاتل ضد الوجود الأمريكي في العراق، لذلك استقطب عدداً كبيراً من الشباب العراقي، وظل التنظيم تحت قيادة الزرقاوي إلى أنْ تمَّ اغتياله عام 2006م.
        إنَّ دولة العراق الإسلامية هي سليلة "تنظيم القاعدة للجهاد"، وما تنظيم الدَّولة إلا انشقاق، أو نتوء من تنظيم القاعدة من وجه، لكنَّه حتماً تطوُّر طبيعي لها من وجه آخر، حتى لو اتخذت من الأسماء ما اتخذت، ابتداءً من جماعة "التوحيد والجهاد" التي أسسها أبو مصعب الزرقاوي، مروراً بتنظيم "قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين"، بعد مبايعة الزرقاوي لتنظيم قاعدة الجهاد بزعامة أسامة بن لادن 8/1/2004م، ثمَّ مجلس شورى المجاهدين أكتوبر سنة 2005م.
     وممّا يلاحظ على تنظيم القاعدة التركيز على العمل العسكري على حساب جميع بقية الجوانب اﻷخرى، لأنَّ تحقيق الانتصار على العدو – كما ترى القاعدة- هو المطلب اﻷول لتنظيم القاعدة، وأنَّ اﻷمور اﻷخرى تقوم بها الدَّولة بعد أن يتحقق وجودها على أرض الواقع، لذا وجد الإهمال بالجانب التربوي والدعوي، والتعليم الديني، لذا انتظم في صفوفها من عدم من هذه الجوانب، وهذا بدوره ترك آثاراً سيئةً في مسيرة تنظيم القاعدة، وهذا ما ظهر عند إعلان الدَّولة الإسلامية في سوريا، حيث خرجت من جبهة النصرة أعدادٌ كبيرة والتحقت بـ"الدَّولة"، ولم تستجب لنداءات زعيم القاعدة، ولا لمنظريها الشرعيين.
       وقد تمَّ اختيار حامد داود محمد خليل الزاوي وكنيته أبو عمر البغدادي أميراً لمجلس شورى المجاهدين في العراق خلفاً لأبي مصعب الزرقاوي، تحت اسم أبي عبد الله الراشد البغدادي، وقد قيل في تنصيبه: أنَّه في 15 أكتوبر عام 2006م اجتمعت مجموعة فصائل تحت ما سُمِىَ بحلف المطيبين؛ وصدر بيان عن المجتمعين تلاه أبو حمزة المهاجر، أعلن فيه حلَّ مجلس الشورى لصالح دولة العراق الإسلامية؛ واختاروا "أبو عمر البغدادي" أميراً لدولة العراق الإسلامية، وفي تسجيل صوتي استغرق 56 دقيقة بث في 30 ديسمبر 2007م، دعا الشيخ أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة إلى مبايعة الشيخ أبي عمر البغدادي أميراً على "دولة العراق الإسلامية"، ودعا ابن لادن الأمراء المجاهدين وأعضاء مجلس الشورى، ممن لم يبايعوا أبا عمر البغدادي إلى الوحدة ومبايعته أميراً على دولة العراق الإسلامية حفاظاً على جماعة المسلمين.
    وفي يوم الاثنين 19/4/2010م تمَّ اغتيال الخليفة "أبو عمر البغدادي" ونائبه ووزير حربه "عبد المنعم عز الدين علي البدوي" والمصري الجنسية المعروف بـأبي حمزة المهاجر([3])، وبعد ذلك أصبح أبو بكر البغدادي "إبراهيم عواد إبراهيم علي البدري السامرائي" العراقي زعيماً لهذا التنظيم، وشهد عهد أبي بكر البغدادي توسعاً في العمليات العسكرية النوعية المتزامنة، كعملية البنك المركزي، ووزارة العدل، واقتحام سجني أبي غريب والحوت.([4]) وقد نالت الدَّولة الإسلامية في العراق عندما أعلنت عن نفسها موافقة تنظيم القاعدة، يوضُّح ذلك موقف الدكتور الظواهري الذي أكّدَ فيه على مرجعية "الدَّولة" في العراق، ونفى وجود القاعدة فيها بعد الإعلان عن قيام الدَّولة، وهذا يعني إحلال الدَّولة بدل تنظيم القاعدة، وقال ما نصُّه: "أودُّ أنْ أوضِّح أنَّه ليس هناك شيء الآن في العراق اسمه القاعدة، ولكنَّ تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين اندمج بفضل الله مع غيره من الجماعات الجهادية في دولة العراق الإسلامية حفظها الله، وهي إمارة شرعية تقوم على منهج شرعي صحيح، وتأسست بالشورى، وحازت على بيعة أغلب المجاهدين والقبائل في العراق".([5])


[1]- انظر: تنظيم الدَّولة الإسلامية في العراق والشام- النشأة - التوسع – الدور المرسوم لها ضد الثورة السورية د. محمد علي الأحمد، ص 5، وتنظيم القاعدة في العراق: موقع بوابة الحركات الإسلامية (http://www.islamist-movements.com/2602). وتنظيم الدَّولة النشأة والأفكار: مركز صناعة الفكر للدراسات والأبحاث ص 5-7. وموقع الرقة تذبح بصمت (http://www.raqqa-sl.com/?p=429).
[2]- صرَّح بذلك في ختام مؤتمر (الخليج وتحديات المستقبل) الذي عُقِدَ في أبو ظبي بتاريخ 13/1/2004م.
[3]- هناك من يضع علامات استفهام كبيرة في حادثة الاغتيال، وأنَّها مدبرة ومخطط لها، لتولي قيادة جديدة، تسير وفق مخطط جديد، لتنفيذ أهداف إقليمية وأجنبية ضد المشروع الإسلامي، وثورات الربيع العربي.
[4]- انظر: تنظيم الدَّولة النشأة والأفكار: مركز صناعة الفكر للدراسات والأبحاث ص 5-7. وموقع الرقة تذبح بصمت (http://www.raqqa-sl.com/?p=429).
[5]- اللقاء الرابع لمؤسسة السحاب مع الشيخ أيمن الظواهري، سنة 2007م، مؤسسة النخبة.





أ. د صالح حسين الرقب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق