الثلاثاء، 21 يونيو 2016

مبدأ التحكيم

 

يمكن تعريف التحكيم بأنه " تسوية شخص أو أكر نزاعا عهد به إليه للفصل فيه باتفاق مشترك" أو " أنه " اتفاق أطراف علاقة قانونية معينة عقدية أو غير عقدية، على الفصل في المناعزعة التي صارت بينهم عن طريق أشخاص يتم اتخيارهم كمحكمين".
 و التحكيم ليس بظاهرة جديدة، بل عرفته البشرية منذ زمن طويل، و ذلك أنه في القديم كان دور التحكيم  يتقلص كلما كانت هناك سلطة مركزية قوية. و العكس صحيح أي كلما كانت هناك سلطة مركزية ضعيفة برز هذا الأخير.
  أما عن نشأته التاريخية فليس هناك شك في كون التحكيم كآلية لتسوية الخلافات بين الأفراد، يضرب بجذوره في عمق التاريخ البشري، لهذا فقد وصف بعض الفقهاء بأنه أصل القضاء نفسه.
 و ما دفع التحكيم ليحض بمكانة متميزة لدى الحضارات العريقة التي تعاقبت على العالم القديم هو شموله لعدة خصوصيات ايجابية جعلته يتبوأ مقدمة سبل فض نزاعات الأفراد. و يقول أرسطو في هذا السياق قولته الشهيرة ''بأن أطراف النزاع يستطيعون تفضيل التحكيم على القضاء، ذلك لأن المحكم يرى العدالة، بينهما لا يعتد القاضي إلا بالتشريع''، و من هنا نرى أن التحكيم كان محطة اهتمام منذ القدم لدى كبار الفلاسفة.
و عرف العرب قبل مجيء الإسلام و لا دل على ذلك احكام قريش إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم قبل بعثته، عندما تنازعت الشرف في وضع الحجر الأسود في مكانه عند إعادة بناء الكعبة.
 و قد شرع الإسلام التحكيم لقوله تعالى : " قل و ربك لن يؤمنون حتى يحكموك في ما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت و يسلموا تسليما"(سورة النساء الآية 65).، و قولعه تعالى : "و ان خفتم شقاق بينهما بابعثوا حكمت من أهله و حكما من أهلها أن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما، إن الله عليما خبيرا" (سورة النساء الآية 35).
و بالرغم من أن التحكيم قد بدأ بسيطا بساطة المجتمعات البدائية، فإنه تطور و بالتالي ظهرت له صورا متنوعة ازدادت بتعقد المجتمعات المعاصرة.
 و جذير بالذكر ان اهمية التحكيم سوا على مسوى الداخلي او الدولي لا تكمن فقط في تبسيطه لاجراءات الفصل في النزاع المعروض عليه و امنا ايضا في التحرر من الشكليات المعقدة، فبإعماله يمكن الاطراف التنازعة من تفادي اختلاف الاجراءت و القواعد التي تختلف من دولة الى اخرى، إذ بغيابه  قد يؤدي  الامر في بعض الاحوال الى اهدار حقوقهم، كما من شأن اللجوء إلى ااتحكيم تحقيق التوازن بين الإعتبارات احترام سلطان الإرداة و ضروريات الخضوع للتنظيم القانوني في مجتمع معين، هذا فضلا على انه يفوم على عنصلاي السرعة و التخصص، فالسرعة تتحقق من خلال الإستعانة باجراءات تتسم بالسهولة و اليسر، أما التخصص فإنه يتجلى من خلال اعتماد المحكين اهل الخبرة و المعرفة في موضوع النزاع المعروض عليهم.[1]
و وعيا منه لأهمية التحكيم فإن المشره المغربي أخذ بعين الإعتبار منذ بداية القرن الماضي ايمانا منه في مساهمته الفعالة في فض النزاعات الأفراد لاعتباره كان راسخا في ثقافة سكان أغلب القبائل المغربية التي كانت تعيش تحت تنظيم الأعراف و العادات.[2]
 و تظهر أهمية القضاء الوطني بالنسبة للتحكيم في العلاقات المكرسة قانونا بينهما، و هو أن القضاء يمارس رقابة على التحكيم و قراراته، بحيث تميل أغلبية القوانين بجعلها رقابة دنيا مع ميل من الفقهاء إلى مزيد من الحد منها، كما أن للقضاء دور مساعد في تذليل العقبات التي تعترض التحكيم، و تكون الرقابة عموما لاحقة بعد انتهاء الهيئة التحكيمية من عملها، بينما تكون المساعدة في مرحلة ما قبل بدء اجراءات التحكيم، و أثناء قيام هذه الهيئة بأعمالها بحيث تتكفل المحكمة بتيسير الصعوبات التي تعترض التحكيم عموما.
    و تتجلى مساعدة القضاء للتحكيم في مظهرين أساسيين: أولهما يمكن في الإعانة على تشكيل هيئة التحكيم، و ذلك بتعيين المحكم الوحيد  ان لم يتفق الأطراف على تعيينه، أو بتعيين بحكم عوضا عن الطرف الذي لم يعين محكما من جهته، و باستبدال أحد محكمين
في حالة تعذر قيامه بمهامه لسبب موضوعي، أو لرفضه مباشرته، بينما ثانيهما يبرز في الإعانة على تنفسذ مقررات الوقتية و التحفيظية و غيرها من القرارات السابقة للبص النهائي للنزاع و التي يتخذها المحكمون.
 و قد تم جعل الرقابة القضاية مناسبة لمحايبة هيئات تحكيمية إذ تقوم سلطة الرقابة بنوع من التدقيق الذي يهدف إلى  البحث عن العيوب و الإخلالات و الـتأكد من مدا احترام الجهة مصدرة القرار الخاضع للرقابة و المقتضيات القاونوية ، مما يفضي حتما إلى تسليط جزاءات عليه.
 و تترجم هذه الرقابة من خلال أمرين انين : أولهما التذليل بالصيغة التنفيذية الذي يعتبر بمابة تأشيرة عبور بالنسبة للمقرر التحكيمي، بحيث بهذا الإجراء يخرج من دائرة الأعمال الخاصة إلى دارئرو الأعمال القضائية المحضة التي تسخر القوى العمومية لتنفيذ ما نطقت به على أساس أنه عنوان الحقيقة كما يوصف تذييل المقرر التحكيمي بالصيغة التنفيذية بأنه اجراء رقابي إذ أنه يهدف إلى تطبيق مقررات التحكيمية المخالفة لمبادئ النظام العام للدولة المراد تنفيذها داخلها. لهذا فهو مصفات لا يمر منها إلا المقرر التحكيمي المتوافق مع التوجهات الأساسية لهذه الدولة، أما المقررات التي يتم قبولها فهي تبقى خارج النظام القانوني دون أن يترتب عن ذلك بطلانها و مع ذلك يمكنها الحصول على الصيفة التنفيذية من بلدان اخرى في حالة كونها ذات طابع دولي. و عليه فإن غالبية التشريعات المقارنة المتعلقة بالتحكيم قد تميزت تكريس وصاية القضاء على التحكيم بحي تجسدت هذه الوصاية خصوصا عبر منح القضاء سلطة المراقبة القرارات التحكيمية.
 و تجذر الإشارة غلأى أن فقه و قضاء محاكم بعض الدول قد ساهم في الخروج بالتحكيم من وضع الوصاية إلى وضع الإستقلالية لاسيما فقه القضاء الفرنسي متوصل في ذلك لعدة نتائج تهم سلطات القضاء الرسمي إزاء التحكيم قبل انطلاق اجراءات التحكيم و أثنائها و بعد انتهائها.
 إلا أن الإقرار باستقلالية التحكيم لا يعني حتما عدم خضوع محكمي إلى أية ضوابط مهما كان نوعها و مصدرهاو انعدام الرقابة على أعمال المحكمين و اجتهادهم مطلقا، كما انه لا يعني رفع القضاء ليده بصفة كلية عن الموضوع و امتناعه عن اتخاذ ما تستوجب الأوضاع اتخذاها من الإجراءات لحماية حقوق الأطراف و مصالحهم و لو بصفة مؤقتة، فالصواب هو أن استقلالية التحكيم و اجراءاته لا يمكن إلا أن تكون نسبية و محدودة و نستنتج مما سبق أن مبدأ استقلالية اجراءات التحكيم الذي كرسته جل التشريعات ) 21 يونيو CNUDCI-UNCITRAL المقارنة إسوة بالقانون النموذجي الذي اعدته لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي (
1985.
و مهما يكن من امر فإن النظرة التقليدية لمؤسسة التحكيم و علاقة القضاء تعتبر أن المشهد القانوني في هذا المجال هو مشهد واضح تتميز فيه آلية الرقابة بوضوح عن ألية المساعدة و المساندة.
إلا أن قانون التحكيم في العالم برمته بما فيه المغرب سار نحو قرن هذه الوسائل التي أصبحت الحالات التي يتم فيها الجوء إلى القضاء لطلب المساعدة مناسبة لبسط مراقبته على بعض الجوانب في عملية التحكيم.


[1]  - voir citation à cette question par caprasse : « ....... certains travaux récnt en témoignnt , l’intéré potentiel du recours à l’arbitrage dans les litiges issus de la vie des sociétés est de plus en plus rapide que la justice étotique , l’arbitrage pourrait rendre de nombreux services aux parties impliquées dans de tels litiges »
Olivier caprasse , les sociétés et l’arbitrage, edition DELTA, 2002p1
[2] راجع د. عزيز الفتح، تاريخ المؤسسات و الوقائع الإجتماعية في الحضارات القديمة (الحضارة العربية الإسلامية- الحضارة المغربية) طبعة 2002- 2003 ص 179

هناك تعليق واحد:

  1. اذا كنت تعاني من الحشرات او تسرب المياه او كتم المجاري او عدم النظافه في بيتك الان لاداعي للقلق نقدم لكم شركة التميز للخدمات المنزليه عماله مدربه علي اعلي مستوي بدون اي اضرار جانبيه , باقل التكاليف الممكنه ,صدق ,امانه ,جديه تامه في العمل ولك ان تجرب وتري بنفسك فقط اتصل ب شركة كشف تسربات المياه بالخبر وشركة كشف تسربات المياه بالدمام وشركة مكافحة حشرات بالدمام وشركة تسليك مجارى بالدمام وشركة تنظيف بالدمام

    ردحذف